في حديثنا الاعتيادي عن قضايا البيئة الملحة في وقتنا الحالي، نميل إلى الإشارة للحالة الاضطرارية التي أصبح على الجميع الدخول فيها في تحدٍ مع الوقت و أزمة تغير المناخ، ولكن قد ننسى أن هذا الأمر سيتطلب سنوات وسنوات من التطّور في تاريخ البشرية.

فبلوغ مرحلة ما من الاستقرار البيئي على كوكب الأرض سيستوجب رحلة طويلة من المجهودات وتغييرات تدريجية قد تكون بطيئة ولكن خطواتها ثابتة سوف نتشاركها مع أبنائنا و أحفادنا.

مقالنا اليوم سوف يُظهر لنا أنه يمكننا أن نستمتع بالفعل أثناء رحلتنا نحو تحقيق العدالة البيئية التي يتحدث عنها الجميع، فالوصول إلى هناك لا يجب أن يتخلله بالضرورة حِس بالعجالة أو الاضطرار، فأثناء قيامنا بكل تلك الممارسات السليمة لصالح صحة الكوكب و صالح جيوبنا أيضًا التي أرهقها الاستهلاك المفرط، يمكننا استكشاف بعض الملكات الفنية لدينا وسبر أغوار عالم الابتكار والإبداع اللامتناهي من خلال إعادة تدوير بعض المواد التي نستهلكها بشكل كبير وتدخل في معظم عمليات تعليب وتغليف وشحن منتجاتنا، وهي مادة الكرتـون.

محمد تيم
محمد تيم مع مجسم السفينة الكرتونية ـ صورة حصرية لفيكسها

يأخذنا مبدع عربي في جولة مذهلة وثرية بالإلهام والسحر الذي ابتدعته يداه في مجسمات كرتونية خيالية.

أجرينا حوارًا شيقًا مع الأستاذ محمد تيم من الأردن الذي شارك معنا صورًا حصرية لموقع فيكسها وحدثنا عن تجربته الجميلة في إعادة تدوير الكرتون وهذا كان النص الكامل لحوارنا.

النص الحواري مع محمد تيم؛ صانع المجسّمات الكرتونية من الأردن 

محمد تيم
محمد تيم مع مجسم الفانوس الكرتوني ـ صورة حصرية لفيكسها

كيف تريد أن تعرّف نفسك للناس؟

اسمي محمد مصطفى تيم، من الأردن. أشتغل مسؤول مستودعات وأحب الحرف والأعمال اليدوية.

منذ متى وكيف بدأت إعادة تدوير الكرتون؟

بدأت العمل تقريبًا من سنتين، كان الهدف عمل قطعة فنيّة لابنتي كمشروع مدرسي، حيث صنعت لها منزل من الكرتون فأحببت القطعة واشتغلت على هذا الأمر.

كيف تطوّر الأمر معك وهل ممكن أن تعتبره هواية شخصية؟

بعد أن صنعت أول قطعة وهي المنزل الكرتوني لمشروع ابنتي المدرسي، وجدت إقبال وتشجيع من الأهل والأصدقاء، والطاقم التربوي بمدرسة ابنتي أعجبوا أيضًا بما قمت بصنعه وشجعوني على عمل المزيد من القطع بأفكار جديدة، وهي هواية شخصية بالفعل.

محمد تيم
محمد تيم مع ابتكار آخر من ابتكارته الكرتونية ـ صورة حصرية لفيكسها

هل عملك الأساسي الحالي له علاقة بالابتكارات الكرتونية التي تقوم بصنعها؟

عملي ليس له علاقة بالكرتون أو الابتكارات الكرتونية، أنا أعمل كمسؤول مستودعات في شركة بالقطاع الخاص.

هل يؤثر الوقت الذي تخصصه لهذا العمل على التزاماتك الحياتية الأخرى أم أنك تُوازن بين الإثنين خاصة إذا كنت تعمل من المنزل؟

أكيد هناك توازن بين عملي وحياتي اليومية، كوني متزوج وعندي أبناء فلهم الأولوية، أشتغل في أوقات فراغي من داخل المنزل حيث أجلب الكرتون وأصنع قطعة فنية جميلة.

استضافة محمد تيم في برنامج بيت العيلة ـ ‎وكالة الحقيقة الدولية الاخبارية العام الماضي

ما هي التحضيرات ومراحل التنفيذ التي يتطلبها صنع هذه المجسمات الكرتونية؟ و هل الأدوات والمستلزمات التي تحتاجها مكلّفة أم في تناول الجميع؟

أكيد أن اختيار وتكوين فكرة العمل شيء أساسي، يعني أضع نصب عيني الفكرة التي أرغب بالعمل عليها قبل كل شيء. الأدوات التي أستخدمها هي: الكرتون، مشرط للقص، مقص، غراء خشب، مسدس سيليكون كهربائي حامي، أصباغ للتلوين والورق، جميع هذه الأدوات متوفرة وغير مكلفة.  

 الأدوات التي يستخدمها محمد تيم في أعماله الكرتونية
الأدوات التي يستخدمها محمد تيم في أعماله الكرتونية ـ المصدر: Tayem craft 

أما بالنسبة للمراحل فتبتدأ برسم القطعة التي أريد الاشتغال عليها بمخيلتي، أي أنني أحفظها بذاكرتي فلا أحتاج إلى رسمها على ورقة ووضعها أمامي أثناء اشتغالي، وتكون قابلة للتعديل حسب ما أراه مناسبًا، فمن الممكن جدًا أن أعدّل أو أضيف بعض التفاصيل لم أضعها بعين الاعتبار سابقًا.

ثم أقوم بوضع القياسات المطلوبة على الكرتون وأقصها، وفي أغلب أعمالي، الأفكار تتولد خلال مرحلة الصنع.

ماهي فائدة عمل هذه المجسمات بالكرتون فقط وليس بالخشب أو البلاستيك مثلًا؟

الكرتون متوفر وممكن أن أحصل عليه بدون أي تكلفة تذكر، وبالأساس أنا أشتغل على إعادة تدوير الكرتون، فهو سهل القصّ والتشكيل، قابل للتطويع، والأهم من ذلك أنني أعيد تدويره بدل رميه في مكبات النفايات، فقطعة كرتون مرمية في الأزبال والشارع، أحولها إلى قطعة فنية ممكن وضعها كديكور بالمنازل.

محمد تيم
محمد تيم مع مجسم كرتوني كامل لمنزل ـ صورة حصرية لفيكسها

أما الخشب فهو مكلف ماديًا ويحتاج إلى ماكينات كهربائية للتقطيع ولا تستطيع العمل عليه من داخل المنزل، والبلاستيك أيضًا صعب التشكيل والتحكّم فيه يحتاج إلى قوالب وماكينات صهر وهو أيضًا غير قابل للاشتعال عليه بالمنزل.

كم من الوقت عادة يستلزمك لصنع مجسم كرتوني واحد؟

الوقت يختلف من قطعة إلى أخرى، حسب حجمها ومقدار الشغل الذي تتطلبه، فكوني غير متفرغ بالكامل لهذا العمل، صعب أن أجد الوقت ولكن على الأغلب يستغرق الأمر من ست إلى عشرة أيام في القطعة الواحدة.

من أين تستوحي أفكار ابتكاراتك؟

أغلب أعمالي من أفكاري الخاصة، وبعضها أستوحيه من صور على مواقع النت، ولكن لا تكون صور طبق الأصل، أي أني لا أقلّد تمامًا صورة تعجبني بل أخذ فكرة عنها فأشتغل عليها وأعدّل فيها، وأضع إضافات من عندي حسب ما أراه مناسبًا.

هل عندك نيّة لتسويق أعمالك في مشروع ربحي مثلًا؟

نعم عندي نيّة للتسويق، فقد صنعت مخطط تنظيمي لمدرسة من ثماني بنايات بالكامل من الكرتون والورق، وعندي استعداد لعمل نفس الشيء لشركات أي صنع مخططات تنظيمية من خلال مجسمات صغيرة كلها من الكرتون.

ما هي نصائحك لكل من يرغب في أن يقوم بعمل مماثل؟

أنصح كل شخص أن تكون إرادته قوية، يشتغل على نفسه ويجرب بالاعتماد على أفكار جديدة لمرات عديدة ولا ييأس. بإمكان أي شخص شاب أو فتاة أن يقوم بالأعمال اليدوية  ويبتكر ويبدع من لاشيء، وهذا العمل لا يتطلب مهارات كبيرة و بمقدور أي أحد القيام به، بالأخص الفتيات لأنه يوفر لهن إمكانية الشغل من المنزل.

نقدم جزيل الشكر للمبدع محمد تيم الذي فتح لنا الباب لتقديم بعض الإلهام والتشجيع لقرائنا حتى يثقوا أكثر بأن إعادة التدوير لا تحمل مفاتيح المستقبل بل الحاضر أيضًا، فالكرتون مادة متوفرة في كل مكان واستخدامها في ابتكار قطع فنية استثنائية يمكن أن يقلل من نسبة النفايات الورقية كما من شأنه أن يكون بداية فكرة لمشروع تجاري مربح وصديق للبيئة.

فقد عرفنا من خلال نصائح الأستاذ محمد بعض الحيل و الأفكار للبدء في ذلك، كان أهمها وقبل كل شيء؛ قوة الإرادة. والآن نترككم مع بعض الإبداعات الكرتونية لمحمد تيم.

محمد تيم
محمد تيم مع مجسم ساعة حائط كرتونية ـ صورة حصرية لفيكسها
محمد تيم
محمد تيم مع مجسم فيلا كرتونية ـ صورة حصرية لفيكسها
محمد تيم
محمد تيم مع مجسم عربة مستوحاة من أفلام الكاوبوي ـ صورة حصرية لفيكسها

زهرة غماني

كاتبة ومدونة ومسؤولة قسم دوَّرها في موقع Fixaha.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *