اضرار البلاستيك

يستسهل الكثير من الأشخاص مدى اضرار البلاستيك ومدى خطورته بسبب جهلهم لطبيعة المخاطر التي بسببه تهدد حياة الكائنات البحرية والبشر والبيئة على حد سواء.

تشير الدراسات والبحوث في جميع أنحاء العالم إلى أن النفايات البلاستيكية باتت تُشكّل قضية بيئية رئيسية بالغة الأهمية، ويجب أن تكون مصدر قلق واهتمام من طرف الجميع بدون استثناء.

اضرار البلاستيك الكارثية على البيئة والإنسان

بالرغم من حقيقة أن استعمال البلاستيك مفيد جدًا في الحياة اليومية، المواد الكيميائية السامة التي تدخل في إنتاجه تتسبب في تلوث الأرض والمياه والهواء، قد يستغرق تحلّل البلاستيك مئات أو حتى آلاف السنين.

بالتالي فإن الأضرار التي تلحق بالمحيط البيئي تكون طويلة الأمد مما يستدعي الحذر الشديد وإعادة نظر كلية في كيفية استعماله وتدويره وذلك لضمان الأمان البيئي والسلامة الصحية.

إنتاج البلاستيك وعدم تدويره سبب مباشر في تلوث الهواء

حرق القمامة وتلوث الجو

ما لا يعرفه أغلبنا أن إعادة تدوير البلاستيك يُعدّ أمراً مُكلفاً للشركات من الناحية التقنية بعكس التكلفة الرخيصة جداً التي يتطلّبها صنعه.

فهذه المادة تحتاج مليون سنة بالضبط لكي تتحّلل وتندمج مع مكونات الأرض لكونها غير قابلة بيولوجيا لإعادتها كليّا إلى قوامها الأصْلِيّ، مما يجعل من إعادة تدويرها عملية غير مُربحة وينتج عنها منتوجات أقل جودة.

كما أن وجود أكثر من 50 نوعًا مختلفًا من البلاستيك يجعل من فرزه وإعادة معالجته نظام معقد للغاية حيث يبقى الخيار المتاح هو الحرق أو الطمر و الذي يتم غالبا في دول العالم الثالث مسبّباً كوارث بيئية أكثر حدة وذات خطورة مباشرة على صحة المواطنين في هذه المناطق.

فحرق البلاستيك في الهواء الطلق، يؤدي إلى إطلاق المواد الكيميائية السامة التي يستنشقها البشر والحيوانات فتتسبب لهم في اضطرابات الجهاز التنفسي وعدد لانهائي من المشاكل الصحية.

ومن اضرار البلاستيك مساهمته في تلوّث الهواء بشكل مباشر من خلال المواد سامة التي تُستخدم في صنعه كالبنزين وهيدروكلوريد الفينيل، من المعروف أن هذه المواد الكيميائية تسبب السرطان، تلوث الهواء والتربة.

الفثالات هي مادة كيميائية سامة أخرى تضاف إلى البلاستيك أثناء صنعه لجعله أكثر ليونة ومرونة من شأنها أن تؤثر على الخصوبة لدى الإنسان لأنها تُعطّل عمل الغدد الصماء، كما ترفع من خطر العيوب الخلقية لدى الجنين.

مشكلة الفثالات هي أنها غير مرتبطة كيميائياً بالمنتجات، لذلك يتم تبخيرها بسهولة في الهواء.

من المحيط إلى بطوننا؛ بضاعتنا تُرد إلينا!

تلوث البحار والمحيطات بنفايات البلاستيك

يبدو أن حتى عندما نفتتن ببعض النزعات التي نعتقد أنها صحيّة، دائما ما يجد أصحاب الشركات الكبرى الطريق إلى استغلالها والتربّح منها.

وكمثال على ذلك، التزايد المُستمر في اقتناء قوارير المياه المعدنية، حيث كثرت الماركات والحملات الإعلانية الذكيّة التي تلعب على أوتار المُستهلكين أنصار الدايت، الرياضة والأكل الصحي، ولكن هل يُطرح السؤال؛ أين تذهب هذه القوارير بعد شرب المياه الصحية التي بداخلها؟

ما لا يقل عن 10٪ من 100 مليون طن من البلاستيك المستخدم سنوياً يذهب في نهاية المطاف إلى قاع المحيطات وهو ما يعادل وزن 700 مليار قارورة بلاستيكية التي يُقال أنها لو وُضعت فوق بعضها البعض سوف تصل إلى أبعد من الشمس غير أنها تنتهي في محيطاتنا وهناك سوف تبقى!

للأسف حين توقفنا عن استكشاف رَحَابَة وأعماق المحيطات لأننا انبهرنا بصور الثقوب السوداء، واكتشافات أمواج الجاذبية وأسرار الفضاء وإمكانية وجود المخلوقات الفضائية وكيف سنتواصل معها، آنذاك ضاع المحيط في غياهب النسيان.

الأكياس البلاستيكية هي الأخطر على البيئة

البلاستيك والأرض

سلوك مُدمّر يبدو غير مؤذ أبدا يزيد الطين بلة وهو الاستمرار في الاستخدام اليومي للأكياس البلاستكية بدون أدنى تفكير في الأخطار التي تسببها للإنسان والحيوان.

وقد دقّ علماء البيئة والباحثون ناقوس الخطر منذ سنوات حول هذا الموضوع بالتحديد اعتباراً للتهديدات المباشرة للبلاستيك على صحة المحيطات والثدييات البحرية.

القسم الأكبر من التلوث في المحيط هو في معظمه من البلاستيك، تأثيره رهيب على الأنواع البحرية ويسبب ضرر كبير في الاقتصاد والإمدادات الغذائية بالنسبة للمجتمعات التي تعتمد على الصيد.

فمن اضرار البلاستيك أيضا أن يضر بالكائنات الحية الدقيقة مثل العوالق التي تعتمد عليها الأسماك الكبيرة في الغذاء.

هذا يمكن أن يسبب مجموعة كبيرة من المشاكل، وكل خطوة إلى الأمام على طول السلسلة الغذائية تعني أن البلاستيك موجود في الأسماك التي يتناولها الكثير من الناس كل يوم.

يتم استعمال 5 تريليونات من الأكياس البلاستيكية كل عام أي 160.000 في الثانية، لو وضعنا واحدة تلو الأخرى يمكنها أن تدور في جميع أنحاء العالم 7 مرات كل ساعة وتغطي مساحة ضعف حجم فرنسا.

الأكياس المصنوعة من هذه المادة بخلاف غيرها من المواد ذات الوزن لها القدرة على حبس الهواء والتنقل من مكان لآخر كما يمكنها الامتلاء بالماء والغوص في قاع المحيط فتقتات عليها العديد من الكائنات البحرية مثل القُرَيْدِس والمحار وهي أصناف تدخل في قائمة الأغذية التي يتناولها الإنسان ولا يعي أنه بكل بساطة بضاعته تُردّ إليه نتيجة جهله وعدم اكتراثه.

ما الحل؟

حينما نقوم بتصنيف النفايات البلاستكية ووضعها في صناديق إعادة التدوير اعتقاداً منا بأننا قمنا بدورنا في الحفاظ على البيئة يكون ذلك غير كاف لأن معظمها لا يتم تدويره فعلياً والأرقام المُخيفة التي تُعلن عنها منظمة الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الصحة العالمية سنويا خير دليل على ذلك.

يكمن الحل الأكثر فاعلية في يد المستهلكين عن طريق بذل جهد أكبر للتقليل من النفايات البلاستيكية، التغييرات البسيطة في حياتك اليومية يمكن أن تقلل إلى حد كبير من كمية قمامات البلاستيك.

لذلك سوف يتطرق مقالنا القادم إلى الطرق البسيطة والخطوات الأولية التي يمكن القيام بها لتفادي اضرار البلاستيك من خلال استعماله بشكل مستدام وإعادة تدويره والاستفادة منه بأقصى الطرق وأكثرها فعالية.

المراجع

زهرة غماني

كاتبة ومدونة ومسؤولة قسم دوَّرها في موقع Fixaha.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *