غريتا ثونبرغ أصغر ناشطة بيئية

استطاعت المراهقة غريتا تونبرغ إلهام صغار السن والمراهقين أن يشعلوا الشرارة الأولى والتي يمكن اعتبارها نقطة تحول تاريخية في قضية تغير المناخ.

يمكنهم أن يوقظوا عقولنا بشأن هذه المخاطر التي تهدد حياتنا وحياة الأجيال من بعدنا، يجب أن نبتعد عن الأنانية قليلا ونفكر بجدية بشأن العادات التي قد تدمرنا وتسبب تغير المناخ وما يصاحبه من كوارث.

سنتعرف في هذا المقال بشيء من التفصيل على رحلة المراهقة غريتا تونبرغ في إسماع صوتها وأصوات الملايين من الشباب اليافع حول العالم من أجل قضية المناخ.

من هي غريتا تونبرغ؟

غريتا تونبرغ
غريتا تونبرغ

تعتبر غريتا تونبرغ أصغر ناشطة بيئية في العالم حاليًا، حيث بدأت هذه الفتاة السويدية في السادسة عشر من عمرها حركة شباب دولية لمكافحة مشكلة تغيّر المناخ، عن طريق قيامها بتنظيم إضراب مدرسي من أجل المناخ أمام البرلمان السويدي في أغسطس من العام الماضي، ومناشدة المسؤولين بتحلّي المسؤولية واتخاذ قرارات صارمة لوقف تفاقم المشاكل المناخية لما لها من تأثيرات خطيرة علينا وعلى الأجيال القادمة.

أول صورة لغريتا تونبرغ أمام البرلمان السويدي في أغسطس 2018

 فقد ألهم إضرابها الطلاب من جميع أنحاء العالم، حيث شجعت عشرات الآلاف منهم من ألمانيا واليابان والمملكة المتحدة وأستراليا وغيرها من الدول للانضمام إلى مظاهراتها الشهيرة باسم ”Fridays for Future”.

وزادت لفت الأنظار لها فحازت على اهتمام دولي شائع بعد مشاركتها في محادثات المناخ للأمم المتحدة في بولندا في ديسمبر الماضي.

لقد أرسلت تحذيرًا تقول فيه:

إننا نسير حاليًا في طريقنا لعالم يمكن أن يشرد مليارات الأشخاص من ديارهم، حتى لو أخذوا أبسط الظروف المعيشية، مما يجعل مناطق العالم غير صالحة للسكن لأجزاء من السنة.

وأضافت:

لا يزال بإمكاننا إصلاح هذا.

صغار السن أصبحوا أكثر وعيًا بشأن قضية تغير المناخ

احتجاجات الصغار من أجل المناخ
الآلاف من الشباب اليافع في تظاهرات احتجاجية من أجل المناخ في بريطانيا بتاريخ 15 فبراير 2019

لقد بدأ الوعي لدى الشباب الصغار يستيقظ على قضية مهمة جدًا وهي تغيّر المناخ فأدركوا أنهم يجب أن يأخذوا الخطوة الأولى بشأن هذه القضية.

 لقد عرف السياسيون عن أضرار تغيّر المناخ منذ عقود وأدركوا خطورة الأمر وخاصًة على الأجيال القادمة لكن مع الأسف دون فائدة تذكر، ففضلوا عدم تحمل المسئولية تجاه هذه الظاهرة التي تهدد حياتنا وحياة الأجيال من بعدنا.

فقد مرت سنوات من المحادثات والمفاوضات والصفقات التي لا تحصى بشأن تغير المناخ دون أي جدوى أو اتخاذ قرارات جادة وصارمة بشأن ذلك.

بالإضافة إلى شركات الوقود التي يتم منحها رحلات مجانية للحفر تحت التربة وحرق مستقبل الأجيال من أجل تحقيق الأرباح.

كل ذلك أسباب جعلت هؤلاء الأطفال يفكرون بأن يأخذوا الخطوة الأولى في جعل الحكومات تتدخل لحل هذه المشكلة العالمية التي تهدد الإنسانية.

قام تلاميذ المدارس والطلاب التحضير لحدث مهم بشأن هذه القضية والتخطيط للخروج إلى الشوارع بأعداد كبيرة في أكثر من 150 دولة، لمطالبة الحكومات لحثّها على تحمّل المسئولية بشأن هذه القضية واتخاذ الخطوات اللازمة والجادة لحلها.

بدأت هذه الاحتجاجات في سبتمبر 2018، ومازالوا مستمرين في المطالبة بتدخل واضح من الحكومات لحل هذه القضية. ولفت نظر البالغين أيضًا للانضمام إليهم والخروج للمشاركة بدورهم في هذه المطالبات لحماية الكوكب وجميع الكائنات التي تعيش على سطحه، فهم يسعون بجديّة في جعل هذا الأسبوع ليس فقط إضراب وإنما نقطة تحوّل صارخ في تاريخ الإنسانية.

وقد لعبت غريتا الفتاة اليافعة التي كسرت القيود والأفكار النمطية عما يمكن أن يحققه الشباب اليافع دورًا أيقونيًا في إعطاء دروس صعبة للبالغين وإلهام الصغار لتحمل مسؤولية مستقبلهم.

اقرأ أيضًا:

رحلة غريتا تونبرغ بالقارب الشراعي إلى الأمم المتحدة لدعم قمة المناخ

غريتا تونبرغ أثناء رحلتها بالقارب الخالي من الكربون
غريتا تونبرغ أثناء رحلتها بالقارب الخالي من الكربون إلى الأمم المتحدة في أغسطس 2019 لدعم قمة المناخ  

لقد أصبحت غريتا تونبرغ شخصية مؤثرة على نحو متزايد تجاه قلق الشباب ونشاطهم. فقد أتيحت لها الفرصة للسفر إلى الولايات المتحدة على متن مركب شراعي خالي من الانبعاثات.

حيث وصلت غريتا تونبرغ إلى ميناء نيويورك يوم الأربعاء الموافق 18 سبتمبر، محاطة بـ 17 قاربا شراعيًا، يمثل كل واحد منها هدفًا من ضمن أهداف التنمية المستدامة. حيث اختارت غريتا القوارب الشراعية والتي تعتبر وسيلة نقل خالية من الكربون، متعمدة زيادة الوعي بمخاطر الانبعاثات العالمية المتزايدة والتلوث الناجم عن النشاط البشري.

فعلى الرغم من صعوبة وطول الرحلة بالقارب، إلا أنها أبحرت على واحد يعمل بألواح الطاقة الشمسية وتوربينات الماء المولدة للطاقة.

استقبلت الأمم المتحدة المراهقة غريتا تونبرغ بأسطول المراكب الشراعية، تقديرًا وتضامنا مع مهمتها واهتمامها بقضية تغير المناخ وكونها استطاعت أن تشعل الشرارة الأولى التي ألهمت بها الشباب والمراهقين حول العالم في أكثر من 150 دولة أخرى للمطالبة باتخاذ قرارات حازمة من قبل الحكومات والسياسات لحل مشكلة تغير المناخ.

حيث صرحت غريتا في لقاء لها أن المسبب الأكبر في تغير المناخ ليس الإنسان وحده بل الدول والسياسات والشركات الكبرى التي تهدف للربح على حساب بقاء الإنسانية.

وعبرت الأمم المتحدة عن مدى تقديرها للفتاة السويدية التي تدعو لتحقيق الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة والمتعلق بالمناخ.

من المتوقع أن تحقق قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي في سبتمبر الجاري نقطة تحول في جهود العالم لمواجهة الأزمة العالمية لتغير المناخ، ومن المتوقع أيضاً للإضرابات المتواجدة في نيويورك نجاح ملحوظ وجذب الآلاف من المراهقين والبالغين بجانب الاضرابات الأخرى في واشنطن وبوسطن وسياتل مينيابوليس وميامي ولوس أنجلوس.

يرى البعض أن هذه الاضرابات هي الأكبر تأثيرًا بشأن تغير المناخ حيث سيتم تنظيم 2500 حدث في أكثر من 150 دولة أخرى، إذا كنت تريد الإطلاع ومعرفة الأحداث المتعلقة بالمناخ أقترح عليك زيارة هذا الموقع Global Climate Strike.

الأوسمة والجوائز التي حازت عليها غريتا تونبرغ

  • في نوفمبر 2018، بعد حوالي ثلاثة أشهر من إضرابها عن التغير المناخي أمام البرلمان السويدي، تم ترشيح المراهقة السويدية غريتا تونبرغ لجائزة المناخ للأطفال، والتي تمنحها شركة الكهرباء السويدية Telge Energi. ولكن رفضت غريتا هذه الجائزة لأن العديد من المتسابقين النهائيين سيتعين عليهم السفر إلى Stockholm لحضور التكريم والاجتماع مع بعضهم البعض. 
  • في عام 2018، تم منح غريتا منحة دراسية من طراز دور الشباب حيث أن هذه المنحة تقدم كل عام إلى شاب واحد يلهم الآخرين ويحثهم على إحداث التغيير، وتم اختيار غريتا العام الماضي لهذه المنحة.
  • في اليوم العالمي للمرأة أعلنت غريتا تونبرغ كأهم إمرأة وشابة يافعة في عام 2019 في السويد.
  • في 31 مارس 2019، حصلت غريتا على جائزة حماية المناخ Goldene Kamera الألمانية.
  • في 1 أبريل 2019 ، حصلت على جائزة Prix Liberté من منطقة نورماندي الفرنسية.
  • شاركت في جائزة Fritt Ord النرويجية، التي تحتفل بحرية التعبير، وتبرعت غريتا بنصيبها من الجائزة في دعوى قضائية تسعى إلى وقف التنقيب عن النفط النرويجي في القطب الشمالي.
  • في أبريل 2019، صنفتها مجلة Time كواحد من أكثر 100 شخص مؤثر في عام 2019.
  • في 13 مارس 2019 ، تمّ ترشيح غريتا من قبل ثلاث نواب نرويجيين لجائزة نوبل للسلام، وجاء رد غريتا أنها تشرفت للغاية، بهذا الترشيح، إذا حصلت على جائزة نوبل، فستصبح أصغر شخص يحصل عليها، منذ الباكستانية ملالا يوسفزاي.
  • في أبريل 2019، قامت المنظمة الشيلية، Fundación Milarepa para el Diálogo con Asia، باختيار غريتا تونبرغ كمستلم لجائزة Laudato Si.

لم تكن رحلة غريتا تونبرغ سهلة أبدًا، فقد تعرّضت للكثير من الانتقادات اللاذعة

لقد تعرضت غريتا لبعض الإنتقادات الشرسة إلى حد ما، بعضها غرضه إنكار كارثة التغير المناخي لمصالح شخصية، وبعضه قام بشن هجمات شخصية عليها، سنقوم بذكر بعض الإنتقادات التي تعرضت لها غريتا مؤخرا والرد عليها أيضًا.

أغسطس 2019 ، ذكرت Scientific American أن منتقدي غريتا غريتا تونبرغ قاموا بشن بعض الهجمات الشخصية عليها، حيث اعتمدوا بشكل مبالغ فيه على هجمات hominem الإعلانية.

وكتب Aditya Chakrabortty في The Guardian أن كُتَّاب الأعمدة بما في ذلك Brendan O’Neill و Toby Young ومدونة Guido Fakes و Helen Dale و Rod Liddle at The Spectator و The Sunday Times قاموا بشن هجمات شخصية شرسة على غريتا ثونبرج كجزء من إنكار تغير المناخ.

وفقًا لجاكوب جول، الباحث في معهد الحوار الاستراتيجي، فإن حزب البديل الألماني أيضًا قد هاجم غريتا بطرق شريرة إلى حد ما.

كما تم انتقاد تونبرغ من قبل مُنكر التغير المناخي الأسترالي أندرو بولت، بعد أن أعلنت غريتا أنها ستسافر إلى الولايات المتحدة في قارب خالٍ من الكربون بدلا من السفر بالطائرة.

ثم انتقاد الممول السابق لـ UKIP آرون بانكس لنفس الحدث أثناء سفرها باليخت الشراعي بسبب مزاحه على تويتر حول احتمال مواجهتها لحادث في رحلتها.

أثارت هذه التعليقات و الانتقادات الجارحة في حق الطفلة غريتا غضب عدد من أعضاء البرلمان والمشاهير والأكاديميين.

وصرحت غريتا في مقابلة مع سوين هاينز الذي نُشر على مجلة التايمز، متحدثة عن النقد الذي تلقته عبر الإنترنت قائلة:

إنه أمر مرح للغاية عندما يكون الشيء الوحيد الذي يمكن أن يفعله الناس هو السخرية منك، أو التحدث عن مظهرك أو شخصيتك، لأنه يعني أنهم ليس لديهم حجة أو أي شيء آخر لقوله.

أشهر الخطابات المُلهمة لبطلة البيئة الصغيرة

غريتا تونبرغ

لقد ألقت غريتا العديد من الخطب العالمية، واستطاعت أن تكسر حاجز الخوف بداخلها من مخالطة الناس والتحدث معهم وجهًا لوجه، فهي تعتبر أن إصابتها بالتوحد لم يقف حاجزاً أمامها لتسمع صوتها ورأيها للعالم والدفاع عن قضية تغير المناخ.

فشاركت غريتا تونبرغ في العديد من الخطب على منصات معروفة وعالمية منها TEDx Stockholm وCOP24 summit و EU leaders و Austrian World Summit R20 والكونغرس الأمريكي بالإضافة إلى اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية، سأذكر لكم بعض منها:

TEDx Stockholm

في 24 نوفمبر 2018، تحدثت في TEDx Stockholm عن إدراكها أن التغير المناخي موجود، وتساءلت لماذا لم يكن هذا من الأخبار الرئيسية في كل قناة ومحل اهتمام الإعلام العالمي؟

قالت أيضًا إنها لم تذهب إلى المدرسة لتصبح عالمة مناخ، كما اقترح عليها البعض، لأن العلم قد لقي الإنكار والجهل فقط. وذكرت أنها شعرت بالمسؤولية تجاه أطفالها وأحفادها عندما يسألونها لماذا لم يتخذوا أي إجراء في عام 2018 عندما كان لا يزال هناك وقت، واختتمت بقولها:

لا يمكننا تغيير العالم باللعب وفقًا للقواعد، لأنه يجب تغيير القواعد.

قمة COP24

في 4 ديسمبر 2018، ألقت غريتا خطاب شديد اللهجة وقاسي، استهلته بقولها:

اسمي غريتا تونبرغ، عمري 15 عاما، أنا من السويد. أنا أتحدث نيابة عن العدالة المناخية الآن، يقول الناس أن السويد مجرد بلد صغير ولا يهم ما نفعله، لكنني تعلمت أنك لست صغيرًا جدًا لإحداث فرق.

كتبت العديد من الصحف الإلكترونية أن على الجميع الإنصات لهذا الخطاب الصادِق.

أغلى الدروس التي تعلمناها من فتاة صغيرة وقويّة

ما تقوم به فتاة يافعة الآن قد لا يبدو مهمّا للبعض، ولكنّه بدون شك سوف يُغيّر التاريخ أو أنّه بدأ ذلك بالفعل.

ملايين الشباب الصغير والبالغون أيضًا تجاوبوا مع نضال غريتا تونبرغ الذي انطلق وهي وحيدة أمام مبنى البرلمان السويدي ليصير ما نراه على جميع المنصات الإعلامية من مظاهرات واحتجاجات مليونية في أكثر من 160 بلد وفي جميع القارات.

تغريدة الكاتبة ناتالي ولشوفر عن الفرق الذي أحدثته غريتا في عام واحد

نضال هذه البطلة الصغيرة المستميت من أجل مستقبل الجميع يُعلمنا دورسا صعبة جدا في الحياة ويجبرنا أن نعيد التفكير في طريقة عيشنا.

شخصية غريتا هي إلهام كبير لذوي الاحتياجات الخاصة وكل من يعتقد أن لديه إعاقة ما ستمنعه من وضع بصمته في العالم، وهي أيضًا قدوة للفتيات الصغيرات تحثّهن على تكسير النمطية الجندرية والانطلاق في مساعي الحياة.

ومن أهمّ ما علمتنا إياه غريتا هو أن تطبق في حياتك أولا ما تعظ الناس به، وهي أيضًا لا تنفك تستغل كل فرصة متاحة لإظهار ذلك كما فعلت في رحلتها صفرية الكربون على متن القارب الشراعي إلى نيويورك لحضور قمة المناخ.

أن نتكلم ونُظهر اهتمامنا بقضايا البيئة ليس هو المهم بل الأهم منه هو إيماننا الحقيقي النابع من الداخل بشرعية هذه القضية وضرورة لحاقنا بركب المدافعين عنها.

ولتعزيز انتمائنا أكثر يجب أن نقوم بأبسط الخطوات اليومية مهما بدت بسيطة وغير ذات فائدة للمساعدة في التقليل من النفايات بجميع أنواعها من خلال محاولة إصلاح كل ما يمكن إصلاحه وبالطبع إعادة التدوير للأغراض القابلة لذلك، لا يمكن الاستهانة أبدًا بثمار عادات يومية غاية في الإيجابية وصديقة للبيئة.

المصادر: 123.

هاجر سويفي

كاتبة محتوى ومترجمة، وطالبة في كلية التجارة قسم اللغة الإنجليزية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *